أعطال ضخمة تضرب الأنظمة التقنية حول العالم: هجوم سيبراني تاريخي أم خطأ تحديثات؟

 


الأعطال التقنية العالمية: تأثيرات تحديث Windows وتعارضه مع CrowdStrike

شهد العالم في الآونة الأخيرة أعطالًا تقنية ضخمة أثرت على العديد من المؤسسات الحيوية، مما أثار قلقًا كبيرًا بشأن الأمان السيبراني والتحديثات الدورية للأنظمة. هذه الأعطال التي شملت مطارات، بنوك، قنوات إخبارية، وشركات النقل، كانت نتيجة تحديث في نظام التشغيل Windows وتعارضه مع نظام الحماية CrowdStrike. أدى هذا التعارض إلى توقف نظام التشغيل وظهور الشاشة الزرقاء في أغلب أجهزة الكمبيوتر حول العالم، مما تسبب في اضطرابات واسعة النطاق.

بدأت التقارير الأولى عن هذه الأعطال من أستراليا، حيث شهدت السوبرماركت فوضى وإلغاء العديد من الرحلات الجوية. في الولايات المتحدة، ألغت شركات الطيران الكبرى مثل Delta وUnited وAmerican Airlines جميع رحلاتها بسبب "خلل في الاتصالات". كما أعلنت قناة سكاي نيوز البريطانية عن توقف بثها نتيجة للخلل التقني. وأفاد مطار برلين بتأخير في تسجيل الرحلات، بينما حذرت السلطات في ملبورن من "مشكلة تقنية عالمية". في بريطانيا، نصحت شركة Ryanair المسافرين بالوصول إلى المطارات قبل ثلاث ساعات على الأقل من موعد الرحلة تحسبًا لأي تأخيرات إضافية.

أثرت هذه الأعطال أيضًا على المؤسسات المالية، حيث تعطلت خدمات بورصة لندن وأعلنت بنوك عالمية عن خلل في أنظمتها. وفي مجال النقل، أعلنت شركة القطارات البريطانية عن أعطال كبيرة في أنظمتها، مما أدى إلى احتمالية إلغاء جميع رحلاتها. إضافة إلى ذلك، تعطلت خدمات البث التلفزيوني في العديد من القنوات، بينما واجهت هيئة الإذاعة الأسترالية مشكلات تقنية ضخمة أدت إلى انقطاع في إرسالها. كما تعرض مركز 911 للطوارئ في الولايات المتحدة لضغط هائل بسبب تلقيه عشرات الآلاف من المكالمات في فترة قصيرة، مما أثر على قدرته على الاستجابة بكفاءة لحالات الطوارئ.

التحقيقات الأولية أشارت إلى أن تحديثًا لنظام التشغيل Windows وتعارضه مع نظام الحماية CrowdStrike كانا السبب الرئيسي وراء هذه الأعطال. هذا التحديث تسبب في مشكلة بجهاز الاستشعار Falcon الخاص بـ CrowdStrike، مما أدى إلى ظهور "الشاشة الزرقاء للموت" على أجهزة الكمبيوتر المتأثرة. نتيجة لهذه الأعطال، شهدت أسهم CrowdStrike وMicrosoft انخفاضًا ملحوظًا، مما يعكس تأثير الخلل على السوق وثقة المستثمرين.

اما على صعيد لبنان، أكدت مصادر مطار بيروت أن الأنظمة الإلكترونية في المطار تعمل بشكل طبيعي ولم تتأثر بأي أعطال فنية. وللتوضيح، تعمل الأنظمة الإلكترونية في مطار بيروت على نظام تشغيل قديم الإصدار غير قابل للتحديث، ولذلك لم تتلقَ أي تحديثات منذ أكثر من 15 عامًا. بناءً على ذلك، كان من المستحيل أن يتأثر هذا النظام بأي عطل فني ناتج عن التحديثات الأخيرة، لأنه في الأساس بحاجة إلى تحديث. لعلها ضارة نافعة. ونأمل ألا تستغل الدولة اللبنانية هذه الحادثة لتصنيفها ضمن خانة الإنجازات.

هذه الحادثة تسلط الضوء على أهمية الأمان السيبراني وضرورة التحديثات الدورية للأنظمة لضمان سلامتها. تعمل الفرق التقنية حول العالم حاليًا على التحقيق في الأسباب الكاملة لهذه الأعطال واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكرارها في المستقبل. يعد هذا الحدث تذكيرًا قويًا بأن تعزيز الأمان السيبراني والاستثمار في حماية الأنظمة هما أمران أساسيان لضمان استمرار عمل المؤسسات الحيوية بشكل آمن وفعال.

في الختام، تُعد هذه الأعطال التقنية العالمية درسًا مهمًا في كيفية التعامل مع التهديدات السيبرانية وضمان أن الأنظمة التقنية مجهزة بشكل جيد للتصدي لها. بالرغم من أن التفاصيل الكاملة لم تتضح بعد، فإن الحاجة الملحة لتعزيز الأمان السيبراني وضمان سلامة وتكامل الأنظمة التقنية في المؤسسات الحيوية حول العالم أصبحت أكثر وضوحًا من أي وقت مضى.

Comments

Popular Posts