أطرق اليوم باب الأربعين 😊


 في وداع 39 عاماً:

كانت الثلاثينات كريمة معي، ربطتني برفيقة دربي ماري، ووهبتني جاين والياس ومايكل، والكثير من الحبّ والولادات الجديدة معهم. أهدتني ضحكاتهم ولغتهم الجديدة واكتشاف العالم في عيونهم ودموعهم وأفكارهم الغريبة.


يحدّثونكَ عن جهلة الأربعين، قُل هو العمرُ كلُّهُ جَهلٌ بجهلِ، فلا فرق. 

والجهل كان في أحيانٍ كثيرةٍ أرحمَ لي من الواقعِ المريرِ. ليتني لم أعلمْ ولم أدركْ الكثيرَ والكثيرَ...


لكنني لا أندم على شيء: فقد كان هناك الكثير من الحبّ، والكثير من الخيبات والعثرات، لكنّ الطعنات تدغدغُ على أبواب العقد الخامس (أوفف).


بعد ٤٠ عاماً، تتّضح صوّر كانت مُحيّرة، وتتقلّص أحلام، ودوماً يتساقط مطرٌ أصدقاء وأهلٌ وزملاء... وتنبت ورودٌ جميلة على ضفاف السنوات، نسقيها بما استطعنا سبيلاً من وِدٍّ وابتسامات.


على أبواب الأربعين، لو أصيحُ: "لقد نجوتُ"... من طعناتٍ وقبلاتٍ (يهوذا) ونظراتٍ وأفكارٍ وأطباق... 

"لقد نجوتُ"...


لقد دخلت الثلاثين بمشاعر مختلطة من الفرح العارم والحزن العميق والفراق المؤلم. لم أكن مستعدًا لأي منها. كان التباين بينها هائلًا، وكأنني في لحظة صعدت قمة الجبل ثم فجأة ألقيت في وادٍ سحيق. ولكنني"لقد نجوتُ."


الأشياءُ من بعيدٍ تبدو أجملَ بكثيرٍ، حيث تراها براقةً ونقيةً كالمياهِ العذبةِ في النهرِ. ولكنْ كلما اقتربتَ منها، تكشفتْ لك الحصى وأوراقُ الشجرِ وحتى التماسيحُ الراقدةُ. حافظْ على مسافةٍ تمكنكَ دائماً من وضوحِ الرؤيةِ لكي تستطيعَ أن تقولَ على أبوابِ الخمسين: "لقد نجوتُ".


إنَّ الحياةَ للأقوياءِ والأحرارِ في نفوسِهِم، للمتمسِّكِينَ بالحقِّ والمحبةِ، وليست "للضعفاءِ" بأموالِهِم أو بتسلُّطِهِم وجبروتِهِم. ومهما قسا الزمانُ، أعلمْ أنَّ يوماً سيأتي تقولُ فيه: "لقد نجوتُ".


نُولَدُ في عالمٍ يُقنِعُنا منذُ طفولتِنا بأنْ نصبحَ عبيدًا نَسْمَعُ ونُطيعُ، فتتحولَ عقولُنا إلى أسيادٍ تَتَحَكَّمُ بنا ببرمجياتِها المُشَوَّهَةِ. الطريقةُ الوحيدةُ للعيشِ في هذا العالمِ هي أنْ تُقاتِلَ حتى الموتِ، تُقاتِلَ مخاوفَكَ وعقدَكَ ونواقصَكَ ومنطقَ البشريَّةِ الموروثِ وتعلقاتِكَ وكلَّ ما لا يُمَثِّلُكَ.


نَعِيَ مخاوفَنا ونَحْتَوِيَها ونتخطَّاها، نُدافعُ عن الحقيقةِ مهما كانتْ صعبةً هذه الحقيقة، لأنَّها وحدَها ستحرِّرُنا. فالحياةُ ليستْ سوى وقفةِ عزٍّ يَنتصرُ فيها المساكينُ بالرُّوحِ، لأنهم سيرثونَ ملكوتَ السماواتِ.


وفي النهاية، التغيير آتٍ لا محالة... فمرحبًا بالأربعين، وعسى أن يكون التغيير فيها بأقل قسّوة وشدّة، وأكثر مرونة ورحمة. والعبرة دائماً تكون في "الخواتيم"، لذا نأمل أن نلتقي في العام القادم أو العقد المقبل... وهذا "إنّ نجونَا".

‎#في_وداع_٣٩ ‎#على_ابواب_الاربعين 

#عيد_ميلادي #لا_داعي_للهلع

Comments

Popular Posts